ما الوسيلة الأنجع للتأقلم مع الضغوط؟

بقلم : أليس والتون

يستخدم الناس آليات ذكية لمعالجة القلق أو الاكتئاب، قبل اللجوء إلى العقاقير، مثل: ممارسة الرياضة أو تناول الفطر ذي الآثار التخديرية، أو التنفس بعمق أو التأمل، وهي بعض السبل المبتكرة التي استعان بها الإنسان للتغلب على شعوره بالتعاسة والتوتر، وللتأقلم مع الظروف الصعبة. لكن أي هذه الطرق هو الأكثر نفعا؟

يتفق العديد منا على أن معظم ما يصيبنا من تعاسة نابع من تفكيرنا الذاتي، مثل: الوساوس والشكوك وتوقعاتنا حول المستقبل. لذا لا غرابة أن يسعى الكثيرون إلى إراحة عقولهم وتهدئتها، فنجد البعض يلجأ إلى السجائر أو التنفس العميق أو غير ذلك. غير أن بعض الطرق أفضل صحيا وأكثر فاعلية من غيرها.

في العام الماضي، أكدت دراسة لجامعة هارفارد أن ثمة رابطا واضحا بين تخبط العقل والتعاسة. وهذا بديهي؛ لأنك حين تواصل التفكير لفترة طويلة، فهذا يعني أن هناك ما يشغل بالك ويقض مضجعك، مثل أن تفكر في دفع التزاماتك المالية كالفواتير، أو الإساءة التي وجهها لك مديرك في العمل، أو مشكلاتك الزوجية.

واكتشفت دراسة أخرى أن تخبط العقل مرتبط بتحفيز شبكة معينة من خلايا الدماغ، والتي لا تنشط عندما نؤدي عمليات التحليل عالية المستوى، بل حين يتنقل دماغنا بالتفكير من مصدر قلق معين إلى آخر.

لكن التأمل وسيلة ملفتة لزيادة إحساس الفرد بالسعادة؛ فهي معروفة منذ القدم، ولأنها اختبرت علميا وبصورة مكثفة. ومن آثار التأمل العميق أنه يساعد في استرخاء العقل، ويعمل على تلاشي الوساوس أو الهموم بصورة تدريجية. كما أشار البروفسور جدسون برور وفريقه في جامعة ييل، إلى أن الأشخاص المتمرسين في التأمل يؤكدون شعورهم براحة عقلية أكبر خلال التأمل. كما أفاد بحث سابق إلى أن المتأملين يتميزون بنشاط أقل في الأجزاء الدماغية التي تحكم الأفكار حول الذات. يقول برور: “إن مراكز (الأنا) في الدماغ تتعطل على الأرجح عند المتأملين المتمرسين.

فهل يكمن سر السعادة في تحويل التركيز عن أنفسنا؟ وجد آندي نيوبرغ من جامعة بنسلفانيا أن الأشخاص الذين يمارسون التأمل يشهدون تحفيزا لأجزاء معينة في الدماغ، تعد ضرورية للتركيز والانتباه، في حين تتعطل لديهم الأجزاء التي تحكم طريقة اتصال المرء بالعالم الخارجي. ربما تدل هذه النتائج أيضا، على أن التركيز على الذات بوصفها وحدة منفصلة عن العالم الخارجي يصبح أقل عند المتأملين.

لكن ماذا عن استعمال الأدوات الأخرى مثل: السجائر والطعام، كوسيلتين من الوسائل التي تهدف إلى المتعة وتهدئة العقل؟ ألا تساعد هذه الممارسات المرء في أن يحول تركيزه من العالم الداخلي المليء بالضغوط إلى “مكان آخر” تماما؟ ربما بدا ذلك صحيحا للوهلة الأولى، لكنك إن نظرت عن كثب فستجد أن هذه الوسائل تعمق شعور التعاسة أكثر.

ويستخدم التدخين كمثال ليوضح كيف أن الإدمان يغذي الأفكار السلبية بدلا من إخمادها، بحيث يجعلك تربط ما بين الشعور بالتوتر والحنين إلى المتعة التي يمنحك إياها التدخين. لذا، كلما أحسست بالضيق فإن هذا الحنين يعاودك ويشتد بمرور الوقت، ثم تصبح أقل سعادة من ذي قبل. وربما تتمكن السيجارة من تهدئة العقل مؤقتا- أثناء إشعالها- لكن الأمور تسوء في الفترة التي تفصل ما بين شرب سيجارة وأخرى؛ لأن الحاجة الملحة إلى التدخين تسيطر على التفكير أيضا.

إذا كنت تعاني من تعاسة ما، سواء أكانت هموما يومية أو اكتئابا حادا أو غير ذلك، فإن ثمة أهمية كبيرة للطريقة التي تختارها للتأقلم معها. لذا، من الضروري أن تجد طريقة تساعدك على حل هذه المشكلة والتخلص منها جذريا، بدلا من تغطيتها فقط.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top